الأثر الاقتصادي والاجتماعي للحكومة المفتوحة

تقرير صدر من منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي ومن الأمم المتحدة

قام سمير العيطة، رئيس منتدى الاقتصاديين العرب ومستشار الإسكوا، بصياغة هذا
التقرير، بالتعاون مع نبال إدلبي ويونس أبو أيوب وليز دينر. كذلك ساهمت زهر بو غانم وريتا شدّاد في بحوث
الدراسة، بينما ق دم محمد نوار العوا وميرنا بربر تعليقات قيّمة في فصول بعينها.

ملخص تنفيذي وأبرز الرسائل


في سياق التحديات السياسية المعقدة التي تفاقمت بسبب جائح ة كوفيد- 19 ، التي كشفت عن شوائب هيكلي ة
في الحوكمة، تقدّم الحكومة المفتوحة حلاّ للمواطنين الذين يتوقعون المشاركة في المجال العام، وكذلك
لحكوماتهم، التي تتوق إلى إدارة الأزمة بطريقة شفافة وخاضعة للمساءلة.
وبينما لا يوجد تعريف موحّد للحكومة المفتوحة يحظى بقبول عالمي، فإن جميع التعاريف، بما فيها تلك التي
وضعتها منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي واللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا، تركز على
المفاهيم الأساسية للانفتاح والشفافية والمساءلة ومشاركة المواطنين وإشراكهم. وتهدف توصية منظمة التعاون
والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن الحكومة المفتوحة، جنباً إلى جنب مع إطار عمل الإسكوا المتعلق بتطبيق
الحكومة المفتوحة، إلى توفير الأساس المرجعي لهذا التحليل.
وبينما ترمي الحكومة المفتوحة بشكل مباشر إلى تحقيق الهدف 16 من أهداف التنمية المستدامة الذي يدعو إلى
التشجيع على إقامة مجتمعات عادلة وسلمية وشاملة للجميع، تهدف مبادئُ ها إلى الإسهام في تحقيق معظم أهداف
التنمية المستدامة، لا بل خطة التنمية المستدامة لعام 2030 برمّتها. وفي الحقيقة، قد يؤدي تعزيز الشفافية
وإشراك الجهات المعنية في صنع السياسات إلى دعم النموّ الاقتصادي وخلق فرص العمل وزيادة الإنتاجية، من
خلال تطوير منتجات وخدمات وشركات ناشئة جديدة. وعلاوة على ذلك، فإن إشراك الناس في صنع القرار بشأن
الخدمات الاجتماعية وتزويدهم بالمعلومات العامة والبيانات المفتوحة قد يسهم بشكل ملحوظ في توفير خدمات
أعلى جودة وأيسر منالاً وأكثر تركيزاً على المواطنين في مختلف القطاعات، بما فيها الصحة والتعليم. ومن خلال
تركيزها على الإدماج والمشاركة والتعاون، تتمتع الحكومة المفتوحة بوضع فريد لتعزيز المساواة بين الجنسين
وتمكين المرأة. وعلى نطاق أوسع، تساهم البيئات المفتوحة وتلك التي يسود فيها روح التعاون والمشاركة، في
تعزيز المساءلة وجعل عملية صنع القرار العام أكثر فعالية وتحسين نتائج انتخاب الممثلين عن الأفراد .
لطالما كانت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والبلدان الأعضاء فيها رائدة منذ البدء في مجال
اعتماد إصلاحات الحكومة المفتوحة على المستوى العالمي. وفي هذا السياق، يتضمّ ن عدد جمّ من دساتير بلدان
منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي أحكاماً تتعلق بمبادئ الحكومة المفتوحة، ومعظمها يورد حق
الوصول إلى المعلومات العامة، ويشتمل على أحكام تدعم مشاركة المواطنين وحماية الحيز المدني. ويشار إلى
أن جميع بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي لديها في الوقت الراهن قوانين تتعلق بالحق في
الوصول إلى المعلومات. وفي المقابل، لدى بعض تلك البلدان قوانين محددة بشأن مشاركة المواطنين، بينما
اعتمدت بلدان أخرى مؤخّ راً (أو تقوم حاليّاً بصياغة) استراتيجية وطنية بشأن الحكومة المفتوحة. كذلك لدى
غالبية هذه البلدان عد د من وثائق السياسة العامة التي تشير إلى نوايا الحكومة في اتباع مبادئ الحكومة
المفتوحة وتنفيذها، وت حدّد جهة حكومية تُناط بها مسؤولي ة التنسيق الأفقي لمبادرات الحكومة المفتوحة .
13 |
الأثر الاقتصادي والاجتماعي للحكومة المفتوحة ، حقوق النشر محفوظة ل منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والأمم المتحد ة 2022
ويشارك المجتمع المدني والمواطنون غالباً في المبادرات المتعلقة بالحكومة المفتوحة في بلدان منظمة التعاون
والتنمية في الميدان الاقتصادي. ولكن تتباين مستويات هذه المشاركة بشدّة، وهناك الكثير من أشكال المشاركة
التي ما زالت تتسم بأنها ظرفية ومحصورة بتحقيق غرض محدد. ومع ذلك، تبرز أمثلة إيجابية كثيرة على
مشاركة المواطنين والمجتمع المدني بطريقة مجدية على الصعيدين الوطني والمحلي، بما في ذلك من خلال
الميزانية التشاركية وبوابات المشاركة إلى عمليات التداول الأكثر حداثة في هذا المجال. وتعدّ الحكومة الرقمية
والبيانات المفتوحة والابتكار في القطاع العام عناصر شديدة الارتباط بالحكومة المفتوحة، إذ تؤدي غالباً إلى
تيسير الإصلاحات التي تهدف إلى تعزيز الشفافية والمساءلة والمشاركة. وتتضمّن التحديات الجارية كيفية
تنسيق مبادرات الحكومة المفتوحة ورصدها وتقييمها بشكل أفضل .
وفيما يتعلق بالمنطقة العربية، انضمت ثلاثة بلدان، هي الأردن والمغرب وتونس، إلى مبادرة الشراكة من أجل
(Open Government Partnership) الحكومة المفتوحة ، كما تضطلع هذه البلدان بوضع خطط عمل وطنية على
أساس منتظم. وفي المقابل، ليس لدى بلدان عربية أخرى وثائق محددة تتعلق بسياسات الحكومة المفتوحة أو
استراتيجيتها. ورغم أ ن عدة بلدان عربية اتخذت إجراءات تهدف إلى خلق البيئة القانونية للانفتاح، سنتّ ست ة
منها فقط قوانين تتعلق بالوصول إلى المعلومات، علماً أن مستوى تطبيقها يتباين من بلد إلى آخر.
ويذكر أن البلدان العربيّة حققت تقدّماً ملحوظاً في مجال الحكومة الرقمية، بحسب تأكيد مسح أجرته الأم م
المتحدة بشأن الحكومة الإلكترونية لعام 2020 . وتبرز فرصة للبناء على هذا التقدم لتحقيق إصلاحات الحكوم ة
المفتوحة. وفي السياق، أطلق ت عدة بلدان عربية استراتيجيات وبوابات للبيانات المفتوحة، على الرغم من أن
هذه وتلك لا تشمل بالضرورة جميع القطاعات، وأنّ أيّ بلد عربي لم ينضمّ بعد إلى ميثاق البيانات المفتوحة .
لقد أطلقت بعض البلدان العربية مبادرات تهدف إلى تعزيز مشاركة المواطنين، لكن لا يوجد لدى أيّ منها
استراتيجية وطنية لإشراكهم. وفيما يتعلق بالمشاركة الرقمية، يبيّن مؤشر إدارة الشؤون الاقتصادية والاجتماعية
في الأمم المتحدة أنّ بعض البلدان العربية تسجّل نتائج أفضل مقارنة ببلدان أخرى حول العالم ذات مستويات
مماثلة من التنمية الاقتصادية، رغم أن غالبية البلدان العربية لا تزال تقدم أداءً ضعيفاً في هذا المجال .
واستناد اً إلى هذا التحليل، وإلى بعض الممارسات الجيدة لدى بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان
الاقتصادي والبلدان العربية، يشتمل هذا التقرير على عدد من التوصيات المتعلقة بالسياسات العامة لتعزيز
الحكومة المفتوحة في المنطقة العربية، التي ترد فيما يلي:
• ينبغي على البلدان العربية وضع إطار قانونيّ يفضي إلى تحقيق إصلاحات الحكومة المفتوحة، بما في ذلك
اعتماد قوانين حديثة تتعلق بالوصول إلى المعلومات وتشريعات بشأن الشفافية، وحماية البيانات الشخصية
والخصوصية، وحيّز المجتمع المدني، والحريات الأساسية، ومكافحة الفساد. كذلك ينبغي على البلدان العربية
إنفاذ القوانين المعتمدة ورصد تنفيذها وتقييم مدى الالتزام بها .
| 14
الأثر الاقتصادي والاجتماعي للحكومة المفتوحة ، حقوق النشر محفوظة ل منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي والأمم المتحد ة 2022

يقترح هذا التقرير أيضاً تطوير سياسات واستراتيجيات لتعزيز مبادئ الحكومة المفتوحة ودعم المؤسسات
المسؤولة عن تنفيذ مبادرات الحكومة المفتوحة وتنسيقها. وينبغي أن تشارك جميع الجهات المعنية في تصميم
إصلاحات الحكومة المفتوحة وتنفيذها .
جع الحكومات العربية على تعزيز ثقافة الانفتاح، من خلال إطلاق حملات التوعية والتواصل العام التي 􀈩 • تُش
تتوجّه إلى المسؤولين الحكوميين تحديد اً والمواطنين بشكل عام.
• كذلك تُدعى الحكومات إلى نشر البيانات الحكومية المفتوحة وتعزيزها، بما في ذلك عن طريق إنشاء بوابات
وإطلاق برامج لبناء القدرات، وإشراك الأفراد بشكل أفضل في أبرز القضايا (Transparency portals) للشفافية
المتعلقة بالسياسات العامة من خلال التشاور مع الجمهور وإطلاق الحوار بشأن القضايا الاقتصادية
والاجتماعية، وغير ذلك من آليات المشاركة.
• ويحدد هذا التقرير الموضوعات التي تعدّ وثيقة الصلة بالحكومة المفتوحة في المنطقة العربية، التي تشمل
الميزانية الحكومية وقطاعات مختلفة، بما فيها التعليم والصحة والعمالة والحماية الاجتماعية والنقل والطاقة
والأمن الغذائي والزراعة .
• بينما ينبغي على الحكومات العربية أن تدرس مدى فائدة إطلاق شراكة إقليمية بشأن الحكومة المفتوحة
تحت رعاية الإسكوا، ينبغي أيضاً السعي إلى تعزيز مبادئ الحكومة المفتوحة على المستويات دون الوطنية،
حيث تُعدّ البلديات وغيرها من السلطات المحلية مؤهّلة تماماً للانخراط في مبادرات رائدة تتعلق بالشفافية
والمشاركة، لا سيما في ضوء تفاعل تلك البلديات مع المواطنين بشكل يومي .

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *