المركز السوري لبحوث السياسات: تقرير الأمن الغذائي النزاع في سوريا

إطلاق تقرير « الأمن الغذائي النزاع في سوريا »
14 أيار 2019
قام المركز السوري لبحوث السياسات، وهو مؤسسة بحثية مستقلة غير ربحية، بإطلاق تقرير « الأمن الغذائي والن ا زع في سوريا » بالتعاون مع
قسم الصحة البيئية، في كلية العلوم الصحية، الجامعة الأمريكية في بيروت، بهدف تطوير البحوث والد ا رسات المرتبطة بحالة الأمن الغذائي
في فت ا رت الن ا زع. ويندرج البحث في إطار برنامج المركز « حالة الإنسان في سوريا ».
شكل الن ا زع كارثة للأمن الغذائي حيث ت ا رجع دليل الأمن الغذائي بشكل حاد بحوالي 40 % بين عامي 2010 و 2018 . وسجل التدهور
الأكثر حدة في مكون الحصول على الغذاء بحوالي 46 %، متأث ا ر بحالات الحصار والتهجير القسري والقيود على الانتقال وت ا رجع القدرة
الش ا رئية ومصادر الدخل. كما ت ا رجعت كل من مكوني الإنتاج والاستخدام بحوالي 38 % ومكون الاستدامة بحوالي 36 % خلال نفس الفترة.
وبالرغم من تحسن مكون النفاذ للغذاء بشكل طفيف بحوالي 3 % مع ت ا رجع حالات الحصار وحدة العمليات العسكرية في العام 2018 ، لكن
مكونات الوفرة والاستق ا رر والاستخدام استمرت في الت ا رجع.
لقد استخدم حرمان الناس من الغذاء بشكل ممنهج كأداة من أدوات الحرب من قبل القوى المتنازعة. أوظهرت النتائج تفاوتا كبي ا ر بينالتقرير
المناطق حيث أن المحافظات الأكثر تدهو ا ر في دليل الأمن الغذائي كانت كل من الحسكة والرقة وحلب والقنيطرة ودير الزور وإدلب التي
ت ا رجعت بمعدلات أكبر من المعدل الوطني.
بالرغم من ت ا رجع حدة العنف المسلح مؤخ ا ر، إلا أن مقومات العنف مستمرة مع ت ا ركم الخسائر البشرية والمادية والمؤسسية وتفاقم الظلم
والاحتياجات الإنسانية. لقد حول الن ا زع سوريا إلى بلد يعاني سكانه من أزمة غذائية حادة في مجالات التوفر والنفاذ والاستخدام والاستدامة
وعدالة التوزيع.
تدهور الناتج المحلي الز ا رعي في سوريا إلى النصف عام 2018 مقارنة بالعام 2010 . وبالرغم من ت ا رجع حدة القتال في 2018 إلا أنها
شهدت تدهو ا ر في الإنتاج الز ا رعي وخاصة للمحاصيل غير المروية التي تعتمد على الأمطار نتيجة الظروف المناخية غير الملائمة. وبالرغم
من التدهور الحاد في الإنتاج الز ا رعي فقد لعب القطاع دور شبكة الحماية الاقتصادية خلال الن ا زع حيث وفر فرصا للعمل ومصاد ا ر للغذاء
وسط ظروف الن ا زع المأساوية.
أدى الن ا زع إلى تدمير هائل ومتفاوت لمقومات الإنتاج البشرية والمؤسسية والمادية والبيئية، فمن ناحية القوة البشرية قتل مئات الآلاف
وجرح الملايين وتعرض حوالي نصف السكان للتهجير القسري ، وت ا رجعت العمالة الز ا رعية إلى حوالي النصف بين 2010 و 2018 وخسر
القطاع الكثير من الكوادر المؤهلة. من الناحية المؤسسية تشكلت عدة منظومات حددت السياسات الز ا رعية بحسب القوى المسيطرة عسكريا
خلال الن ا زع، واشتركت « الأنظمة » الز ا رعية المختلفة في محورية الن ا زع، وتحويل الموارد الز ا رعية والغذائية لصالح تفوق القوى المسيطرة،
واستباحة الحق في الحماية والغذاء والملكية، واستهدف كل طرف تدمير مقومات الأمن الغذائي « للآخر » وتخصيص الموارد بما فيها الموارد
الغذائية للداعمين. أدى الن ا زع لتدمير كبير في الثروة المادية الز ا رعية بما فيها الموارد الطبيعية والبنية التحتية والتجهي ا زت والمعدات والثروة
الحيوانية من خلال الاستهداف المباشر بالقصف والنهب والتخريب أو غير المباشر من خلال التعديات على الأ ا رضي والغابات أو ندرة
مستلزمات الإنتاج وارتفاع تكاليفها كالطاقة والأسمدة.
تعد سياسة الحصار الأخطر حيث تم تجويع السكان من خلال « العقوبات الجماعية » ضدهم بغرض الخضوع. وتعرض حوالي 2.5 مليون
شخص للحصار منذ عام 2015 لغاية عام 2018 ووصلت ذروتها في 2017 حيث خضع حوالي 970 ألف شخص للحصار في وقت
واحد، في الغوطة ودير الزور وحلب والرستن وغيرها.
2
ساهمت المباد ا رت المحلية والدولية الإنسانية في توفير المساعدات الغذائية إلا أنها كانت أقل بكثير من الاحتياج المطلوب، كما أنها
تأثرت إلى حد كبير بسياسات قوى الن ا زع التي أثرت في توجيه جزء من هذه الموارد في خدمة اقتصاديات العنف، كما أنها بالغت بالتركيز
على الجانب الإغاثي على حساب التنموي.
استمرت التكاليف المعيشية بالازدياد في ظل ت ا رجع مصادر الدخل وانخفاض الأجور وت ا رجع فرص العمل. وأظهرت ارتفاعا حادا في مؤشر
أسعار المستهلك والذي وصل في بعض السلع الأساسية إلى أكثر من عشرة أضعاف مستوياته قبل الن ا زع. وساهمت سياسات تقليص دعم
السلع الرئيسية مثل المشتقات النفطية والكهرباء وانخفاض القدرة الش ا رئية لليرة السورية في قف ا زت كبيرة في الأسعار. ارتفعت معدلات الفقر
والحرمان إلى مستويات خطيرة وصلت إلى 93.7 % في نهاية عام 2017 بالاستناد إلى خط الفقر الكلي للأسرة الواحدة بينما بلغ الفقر
المدقع إلى 59.1 % في نفس العام.
بينت نتائج البحث التدهور الكبير في جودة المواد الغذائية المتوفرة، والخلل الواضح في التركيب الغذائي أثناء الن ا زع حيث ارتفعت نسب
الاعتماد على الحبوب على حساب اللحوم والألبان والخض ا روات. ويظهر ذلك من خلال ت ا رجع مؤش ا رت التغذية للأطفال خلال الن ا زع خاصة
في المناطق التي عانت من القتال الكثيف أو الحصار. كما تشير النتائج إلى تدهور مكون الاستق ا رر نتيجة زيادة الاعتماد على الاستي ا رد
والمساعدات وتردي الظروف المعيشية ومصادر الدخل للأف ا رد بالإضافة إلى التدهور البيئي.
تبين النتائج أن المحدد الأكثر أهمية للأمن الغذائي هو الأداء المؤسساتي، فالاستبداد والإقصاء والتهميش والتمييز بين السكان واستخدام
العنف المسلح يسقط الحق في الغذاء ويؤدي إلى تدهور مقومات السيادة الغذائية. كما يرتبط أ رس المال الاجتماعي بالأمن الغذائي مما يدل
على أهمية عوامل الثقة والتضامن والتعاون والتطوع في التخفيف من حدة أزمة الأمن الغذائي للسوريين خلال الن ا زع. لقد ساهم تصدع
العلاقات الاجتماعية من خلال الاستقطاب وانتشار ثقافة العنف والك ا رهية والتمييز ورفض الآخر وتسييس الهوية في تدهور حالة الأمن
الغذائي. أوظهرت النتائج علاقة سلبية بين انتشار الأنشطة الاقتصادية المرتبطة بالعنف ودليل الأمن الغذائي، حيث ارتبط الانخ ا رط في
الأعمال غير القانونية مع تدهور الأمن الغذائي، وهي قضية هامة في تغيير هيكلية العلاقات والسلطة والثروة في المجتمع حيث تم استغلال
تفقير المجتمع وتدمير مقومات العيش من قبل القوى المسيطرة وبالمقابل قدمت حوافز للانخ ا رط في العنف والولاء لها.
إن الأولوية القصوى هي وقف العنف وتفكيك المؤسسات المتسلطة لبناء مؤسسات تشاركية وكفؤة ومساءلة وتعمل على معالجة مظلوميات
الن ا زع وتؤسس لاحت ا رم للحقوق وتضمن الأمن الإنساني. بالإضافة إلى بناء الاقتصاد المنتج في مواجهة اقتصاديات العنف، والتركيز على
تحفيز الريف والإنتاج الز ا رعي. ا ولعمل على المصالحة المجتمعية والاستثمار في بناء الثقة والتضامن بين الأف ا رد كجزء أساسي من معالجة
مسببات الحرمان الغذائي.
انتهى البيان
المركز السوري لبحوث السياسات:
الموقع الالكتروني: syria.org-www.scpr ، البريد الالكتروني: syria.org-info@scpr
ملاحظة: يمكن تحميل التقرير باللغتين العربية والإنكليزية من الموقع الإلكتروني للمركز.

Laisser un commentaire

Votre adresse e-mail ne sera pas publiée. Les champs obligatoires sont indiqués avec *